غنى النفس عزة للإنسان
الإسلام العظيم يريد من المسلم أن يكون عزيز النفس، لا يذل ولا ين**ر، بل يظل منتصب القامة مرتفع الهامة لا تطويه شدة وعليه أن يلجأ إلى الله بالدعاء أن يكشف عنه ما هو فيه.
قال تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) «يونس: 107» يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس». وجاء في حديث آخر: وما زاد الله عبداً يعفو إلا عزا. وقد علمنا المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ألا نن** إذا تعرضنا لمواقف تؤثر علينا في أرزاقنا وطلب منا ونحن نسعى إلى ما نبغي أن تظل جباهنا مرفوعة فقال صلى الله عليه وسلم: «أطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجرى بالمقادير».
ويبين لنا صلوات الله وسلامه عليه أن البشر لو اجتمعوا جميعاً على أن يمنعوا شيئاً أعطاه الله للإنسان لم يستطيعوا وأنهم أقل من أن يعطوا شيئاً منعه الله.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: «يا غلام؟ إني أعلمك كلمات! احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف». رواه الترمذي وقال حديث حسن.
فالإنسان إذا تعرض لشدة في حياته أثرت على رزقه عليه أن يتوجه إلى الله في لحوق الضرر والنفع فهو الضار النافع وليس لأحد معه شيء في ذلك، لأن أزمة الموجودات بين منع وإيجاد وإطلاق، فإذا أراد أحد ضرك بما لم يكتبه عليك دفعه الله تعالى عنك وصرفه عن مراده بعارض من عوارض القدرة الباهرة مانع من الفعل من أصله أو من تأثيره، وفي ذلك حث على التوكل والاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور والإعراض عما سواه. تقابلت مع أحد الزملاء فوجدته حزيناً كئيباً من**راً خافض الرأس وهو يقف معي فسألته ماذا بك؟ هل مات لك أحد؟ قال لا: قال إن رئيسي أنهى خدماتي فقلت أين الإيمان؟ وأين المصير؟
تجلد يا أخي وتماسك وارفع رأسك إلى السماء واطلب من ربك أن يعوضك خيراً، وإذا انقطع الرزق في مكان، قد يكون في مكان آخر، وقد يكون فيه سعة وبسطة في العيش، فالإنسان لا يعرف أين يكون الخير؟ وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، اذهب إلى المسجد وصل ركعتين لله واطلب من ربك أن يفرج عنك، ففرجه قريب وعلمته دعاءً قرأته يستعين به الإنسان كلما ضاق عليه الأمر وهو: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم لك الحمد ومنك الفرج وإليك المشتكى وبك المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ويطلب الفرج من الله وذكرته بقول الشاعر:
لا تجزعن إذا ما الأمر ضقت به ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال
جاء في الحديث: تعرف إلى الله في الرخاء (أي تحبب إليه بالدأب في الطاعات حتى تكون عنده معروفاً بذلك) يعرفك في الشدة (بتفريجها عنك وجعله لك من كل ضيق فرجاً ومن كل هم مخرجاً). وتشاء الأقدار أن يوفق زميلي بإذن الله تعالى في الحصول على عمل آخر وحمد الله على ذلك، المهم أن يصبر الإنسان ويواجه الموقف بثبات وثقة في لطف الله الذي لا ينسى أحداً فهو أرحم بنا من الوالدة بولدها.